
تقرير إعداد
فريق التحرير
لأسطورة “الفزاعة”، التي كان قدماء المصريين أول من استخدمها تاريخيًا، أصلٌ لا يروى كثيرًا، فيُحكى قديمًا أن مزارعًا امتلك أرضًا لا مثيل لها بين كل الأراضي المجاورة؛ طقسٌ مثاليٌ للزراعة ومياه غزيرة وتربة شديدة الخصوبة؛ ولذا كان بديهيًا أن تجلب للمزارع ثروة طائلة، وكان بديهيًا -أيضًا- أن تكون مطمعًا لكثير من اللصوص وقطاع الطرق.
تقول الأسطورة إن سبعة من اللصوص دأبوا على الاستيلاء على ثروة المزارع تاركين له الفتات؛ إلا أن المزارع ثار عليهم ذات يوم حتى أعاد ملكية أرضه كاملة، لتمر سنوات أخرى ظل يراكم فيها ثروته ويدافع عنها، من اللصوص تارة ومن الطيور والزواحف تارة أخرى؛ واقفًا في قلب أرضه دومًا حاملًا عصا غليظة وفأسًا وبندقية، يهزمونه مرة ويهزمهم مرات بأسلحته الرادعة في ذلك الوقت؛ إلا أن زيادة الهجمات أوحت بالخطر الوشيك، حتى حولت المزارع إلى شخص أقرب إلى الموت من الحياة، قبعة مهترئة تغطي رأسه المتدلي، فاردًا ذراعيه المحطمتين، واقفًا وسط أرضه لا يحرك ساكنًا ليفقد السيطرة عليها بالكلية، متحولًا إلى ما عرفناه فيما بعد بالـ”فزاعة”.
لا شك أن الظروف الحالية تكشف أن السعودية وأوبك في أضعف حالتهم، فمع تراجع الرياض بات يثار تساؤلات عن مستقبل أوبك نفسها في ضوء أن المملكة هي القوة الدافعة لها منذ إنشائها قبل حوالي 60 عامًا، فالمنظمة التي كانت تسيطر على ثلثي صادرات النفط الخام في العالم وتنظيم عمليات الإنتاج والسيطرة على الأسعار، باتت فاقدة للسيطرة تقريبًا على كل شيء، سواء العرض أو الطلب، وكذلك الأسعار.
الإعلان المفاجئ من قبل سعد شريده الكعبي، وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة يلقي مجددا بظلال الشك حول جدوى الدور الذي تلعبه “أوبك” في أعقاب احتياجها لدول غير أعضاء بها للدفع باتجاه خفض مستويات الإنتاج في العام 2016 بعد انخفاض الأسعار لأقل من 30 دولار للبرميل.
هكذا استهلت شبكة “سي بي إس نيوز” الإخبارية الأمريكية تقريرا سلطت فيه الضوء على القرار الذي اتخذته السلطات القطرية بالانسحاب من منظمة الدولة المصدرة للنفط “أوبك” بدء من يناير المقبل، في خطوة تجيء قبيل أيام من الاجتماع الحاسم الذي ستعقده الأخيرة بشأن خفض مستويات الإنتاج.
وأعلنت دولة قطر، البلد الخليجي الغني بمصادر الطاقة، اليوم الإثنين أنها ستنسحب من “أوبك”، لتجمع في ذلك بين طموحاتها في زيادة إنتاجها خارج القيود التي تفرضها المنظمة على أعضائها، وبين سياسة إهانة “أوبك” التي تسيطر عليها المملكة العربية السعودية، في ظل مقاطعة خليجية اقتصادية ودبلوماسية بزعامة الرياض للدوحة.
وقال تقرير “سي بي إس نيوز” إن إعلان قطر يعد أيضا المرة الأولى التي تغادر فيها دولة شرق أوسطية “أوبك” منذ تأسيس الأخيرة في العام 1960.
ونسبت التقرير لـ الكعبي قوله إن الدوحة، عضو في نفط منظمة الدول المصدرة للنفط منذ العام 1961 قررت مغادرة “أوبك” للتركيز على إنتاجها من الغاز الطبيعي، مضيفا أن بلاده أبلغت المنظمة بالقرار.
وقال الكعبي: “هذا القرار يعكس رغبة دولة قطر بتركيز جهودها على تنمية وتطوير صناعة الغاز الطبيعي، وعلى تنفيذ الخطط التي تم إعلانها مؤخراً لزيادة إنتاج الدولة من الغاز الطبيعي المسال من ٧٧ إلى ١١٠ مليون طن سنويا.”
وأفاد الكعبي أيضا بأن قطر ترغب في رفع إنتاجها النفطي من 4.8 مليون برميل من الخام، ما يعادل 6.5 ملايين برميل يوميا.
وأضاف “عكفت دولة قطر خلال السنوات الماضية على وضع ملامح استراتيجية مستقبلية ترتكز على النمو والتوسع في قطر وخارج قطر.”
قطر التي لا يتجاوز تعداد سكانها 2.6 ملايين شخصا، والتي يشكل القطريون الأصليون بها نسبة حوالي 10% من إجمالي عدد سكان البلاد، كانت قد اكتشفت حقل الشمال في 1971، وهو نفس العام الذي حصلت فيه على استقلاها.
ويشكل الغاز الطبيعي المسال، إلى جانب النفط الخام، المصدر الأساسي للثروة في قطر، الإمارة الخليجية التي تتمتع بأعلى دخل للفرد في العالم.
وأشار التقرير إلى العلاقة المتوترة بين أعضاء المنظمة، من بينها تلك القائمة بين الدوحة والمملكة العربية السعودية- العضو الرئيسي في “أوبك”.
وفرضت السعودية حظرا اقتصاديا خليجيا ضم كلا من الإمارات والبحرين- ومعهم مصر- على دولة قطر في يونيو من العام الماضي، كما قطعت العلاقات الدبلوماسية مع الأخيرة، متهمين إياها بدعم الجماعات المسلحة والتقرير المثير للجدل من إيران، البلد الشيعي والخصم الإقليمي للرياض.
