كتاب وادباء

الحلقة الثالثة ذكريات في زمن الطفولة والشباب— ( اوروبا —- بلاد الاحلام )

بقلم الكاتب القصصى

محمد عبد الله زين الدين

محمد عبد الله زين الدين 

زمان

            على غرار الرتم الهادئ الذي ولجت فيه سنوات وسنوات واصبح جزء من تكويني لا ينفصم عني الهدوء السكينة السكن السكون الصمت الرتم الهادئ الذي حرمنا منه هذه الايام وكأننا نعيش في كابوس لعين اصوات من كل مكان ضوضاء —- حجرة التربية الزراعية بمدرسة شبرا الاعدادية

كنا ننزل اليها والجو منتهى البرودة ونجلس على المقاعد في الحديقة المزروعةو وسط رائحة النشادر المنبعثة من السماد المتراكم ممزوجا برائحة الكلوروفيل وبجوار سور المدرسة الذي يفصل شارع شبرا عنا كان هناك منزلا مجاورا لنا على طراز عصر النهضة طبعا وقتها لم اكن ادري ماهو عصر النهضة او الرينيسانس وزخارفها الا بعدها بسنوات

—-

كنت اتخيل ااني في اوروبا التي كنت اسمع عنها شذرات من والدي بان عمي قد حصل على الدكتوراة منها وعاد وعمي الاخر كذلك وكانوا دائما يمتدحونها وهداني خيالي بانني الان في اوروبا ولم لا والغيوم ملبدة في السماء ولم لا وهذا المنزل الهاجع جواري على الطراز الاوروبي ولم لا ولا شئ يجرح خيالي يدل على وجودي في مصر فعلا انا الان في اوروبا وهذه قناعاتي وقتها وانا جالس بين اقراني لاعمل لنا سوى الكلام والكلام هو الشئ الوحيد الدال انني في مصر

ولكن كنت اتجاوزه واغمض عيناي واتخيل والكلام ايضا هو العامل الوحيد لقتل الوقت لقد كانت حصة الزراعة تلك من دواعي سروري لان ذلك اولا كان يداعب الخيال الجميل الذي كنت احلم به ان اذهب مثل اعمامي وثانيا لا التزام باي منهج ندرسه ولا اساسا اتذكر من هو استاذ التربية الزراعية الذي لم اتذكر شكله الان لانه لم يكن له تاثير في وجداننا سوي حجرته التي كنا نرتادها نعم كانت الاحلام تتجه الى اوروبا دائما لم تكن هناك امريكا بل كانت اوروباالبلاد البعيدة الجميلة والشعوب القوية التي تحتل بلاد الاخرين لفرط قوتهم

اذن فلم لا ان انضم لهم حتى اصير قويا مثلهم ان الاحساس بالدونية جعلت الفتى الصغير يحاول الهروب الى السمو تاركا ضحالة ووضاعة الحالة النفسية التي خلفتها الهزيمة انني الان اريد ان انضو الضعف عن نفسي ولم لا فانا قوي لا استسلام لهذه البلاد المهزومة اريد ان انتمي الى عالم السعادة والقوة ان كل نقيصة الان وانا في كامل قواي العقلية الزم بها هؤلاء النصابين الذين حكموا مصر و بسببهم سقطت الساقطات البغايا وانحرف المنحرفون وترعرع القتلة والمجرمون بين احضانهم وقطع من لحم الارض المصرية اجزاء تصرخ وتئن تريد ان تدفن مع الوطن الام و اهازيج الانكسار تفت في عضد الفتى الكليم فتعلو الآهات زفرات لظى من جهنم تضفي على المشهد حزنا وقتامة والما حينما تجتر الذكريات البائسة

ليتني ليت الفتى كان جاهلا ولاعلم له لان العلم له تبعات مضنية تلاحقه حتى ان تدركه المنية .

والى الحلقة القادمة باذن الله

 

سمير يوسف

أول صحفى فى النمسا منذ سنة 1970 عمل فى الصحافة وعمره 18 سنة فى جريدة الجمهورية والمساء وحريتى ثم الجرائد الألمانية دير إشبيجل وفى النمسا جريدة الإخو تسليتومج لمدة عشرون عاما وفى سنة 1991 اصدر اول صحيفة باللغة العربية والألمانية وهى جريدة الوطن لمدة 11 سنة ، عمل مراسل جريدة الجمهورية والمساء فى النمسا لمدة 31 سنة.

‫2 تعليقات

  1. ليتني ليت الفتى كان جاهلا ولاعلم له لان العلم له تبعات مضنية تلاحقه حتى ان تدركه المنية .
    هكذا إختتم الكاتب الأديب مقالته الرائعة والحمد لله أنه لم يستحب لأمنيته وإلا فقد خسرنا أديبا ينقل لنا بأدبه الرائع ذكريات الماضى القريب ويعطينا فكره الذى تلون بالفن النشكيلى الذى تخصص فيه وهذا الفن قريب جدا من صراع النفوس مع الحياة وصراعها مع الواقع المرير بل صراعها مع كل ما تتنظر إليه بعيون ناقدة مما بسبب للإنسان مشقة النفس التى تريد صناعة حياة مثالية على هذا الكوكب وهذا ما لا يمكن ان يكون لأن سمة الحياة الصراع الذى من خلاله ينضج الجنس البشرى وفن الرسم هذا أحد أدواته
    ونحن ننتظر إبداعاته لنرتوى من زكريات عصر غابت عنا مفاهيمه وجاءت مفاهيم أخرى بسبب الصراع بين الماضى والحاضر ومن المؤكد أن هذا فى مصلحة المستقبل لأن كثير من المفاهيم الخطأ التى إكتسبها الجيل السابق صارعها جيلنا بفكره فخرجت لنا منظومة أفكار ساهمت فى تطوير الجيل الذى تمرد على الظلم والطعيان والتبعية وتسييت فى ثورة جيل عظيم من شباب اليوم.
    ولاشك أن الصراع الفكرى مفيد حدا للاجيال فإنه يدل على حيوية الشعوب لأن الأفكار والتقاليد المتجمدة تنبؤنا بجمود شعب ورقوده فى وهدة اللاحياة
    اكرر شكؤى لهذا الكاتب الذى يتحفنا بزمنه الجميل

  2. العفو استاذي الجليل أتجمل دائما كي لايؤذي تكويني الفوضوي اعيين الناس من الحيوية الخلاقة ان يصدر العمل الفني وسط فوضى عارمة وهذا ما أحياه في واقعي الحياتي لتصدر عن الفوضى عمل منتظم في ثوب قشيب لاتكاد تصدق ان الفوضى ينتج عنها انتظام وتلك صيرورة الحياة وحييوية الشعوب كما يطلق تحليلكم الرائع فعلا عند العمل الفني يكون الفنان في حالة وضع كما تضع كل ذي حمل حملها مع آلام المخاض تسستمعع لصراخ العملل الفني القادم ومن ثم يخفف الالم رويدا رويدا ليتخطفه المتلقي سهلا يسيرا سائغا للشاربين وكم نهلنا من معين غيرناا وتربيينا عليه ليصبح لنا في نهاية المطاف معينا يبنهل منه التابعين من الاجيال اللحقة شكرا لك استاذي فهذا بعض مما عندكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى