ثقافة وادب

حرب الأفوكادو في المكسيك، انتشلت مناطق من الفقر وحولت حياة آخرين إلى جحيم.. تعرف على قصة الذهب الأخضر!

لثمرة الأفوكادو في المكسيك أو كما يسمونها «الذهب الأخضر«، قصص وروايات، فقد انتشلت أجزاء كبيرة في البلاد من دائرة الفقر ولكنها في الوقت ذاته استقطبت العصابات وتجار المخدرات محولة حياة البعض لجحيم، فما هي هذه الثمرة وأين تزرع؟ وماهو سبب الحروب المستعرة بين العصابات والحكومة!

إنّ أفضل طقس لزراعة ثمرة الأفوكادو هو الطقس الرطب في معدل درجة حرارة 22 درجة مئوية، لذا فإن أفضل مكان لزراعتها، هو مدينة ميتشواكان في المكسيك، حيث كانت طعاماً لآلاف السنوات، وعندما احتلت إسبانيا المكسيك ووسط أمريكا، أطلقوا عليها اسم (أجواكيت)، ثم تطورت زراعتها بعد ذلك، خاصةً في وسط وجنوب أمريكا.

في أوائل القرن العشرين، بدأت الثمرة في الانتشار في المكسيك ومن ثم الولايات المتحدة بعد الترويج لها بوصفها «فاكهة أرستقراطية»، وتغير اسمها إلى اسم أكثر رقياً وهو «أفوكادو»، حتى زادت شعبيتها التجارية حول العالم.

وبسبب القرب الجغرافي مع المكسيك، دخلت ثمرة الأفوكادو محلات الولايات المتحدة بكثرة، حتى فرضت واشنطن حظراً على استيراد الأفوكادو من المكسيك منذ عام 1914، لمنع مجموعة من الحشرات والآفات من الوصول إلى البساتين الأمريكية.

ولكن عاودت الثمرة الانتشار في الولايات المتحدة بفضل اتفاقية التجارة الحرة الأمريكية التي رفعت الحظر عنها.

في عام 1997، رفعت الولايات المتحدة حظر استيراد الأفوكادو بشكل رسمي، ما أدى لازدهار زراعة الأفوكادو أو «الذهب الأخضر» في المنطقة بفعل ارتفاع استهلاك الأمريكيين لهذه الفاكهة.

الأمر الذي أدى أيضاً إلى انتشال أجزاء من غرب المكسيك من دائرة الفقر خلال 10 سنوات فقط، إذ توفر المكسيك وحدها نحو 43% من صادرات العالم من الأفوكادو، أغلبه يأتي من ولاية ميتشواكان.

بعدها أصيب الأمريكان بهوس الأفوكادو، ومن ثم نقلوه إلى العالم، فأصبح 80% من أفوكادو ميتشواكان يُصدر إلى الولايات المتحدة التي استوردت وحدها في النصف الأخير من عام 2012 وجزء من 2013، بما يقارب مليار دولار من ميتشواكان، وفي عام 2014 وحده التهم الأمريكان 4 مليارات ثمرة، وبلغت قيمة الثمرة الواحدة عام 2019 نحو 2.1 دولار بزيادة الضعف عن العام الذي سبقه، لكن مع زيادة في المأساة.

هذه الزيادة المهولة على طلب «الذهب الأخضر»، يدفع ثمنها الكائنات والنباتات الأخرى والبيئة الخضراء والمزارعون والمجتمعات التي كانت تعيش عليه، وذلك لأن عملية زراعة الأفوكادو تستهلك كميات ضخمة من المياه.

فمن أجل الحصول على رطل واحد من الأفوكادو، يلزم الأمر 270 لتراً من الماء، ومن أجل حصاد 200 مليون رطل، يستلزم نحو 54 مليار لتر من الماء، فضلاً عن كونه يخضع لظروف زراعية صعبة، من مبيدات حشرية متنوعة وحماية من أشعة الشمس.

أما عن تضرر المحاصيل الزراعية، فإن زراعة الأفوكادو تستنزف المياه التي يمكن أن تستفيد منها النباتات الأخرى، والجهد الضخم بدلاً من الاهتمام بالمحاصيل الأخرى، إضافة لتفضيل المزارعين طمعاً بأرباح تزيد من أي محصول آخر، حيث يرون أن الأفوكادو أكثر فائدة لهم من الذرة والقمح وغيرهما، ومن الغابات نفسها، الأمر الذي يسبب أزمة بيئية واقتصادية في آن واحد.

تغطي الغابات 33% من مساحة المكسيك، لكن في الفترة بين عامي 1995 و2005 فقدت المكسيك 6.9% من هذا الغطاء، بسبب الزراعة المهولة لأشجار الأفوكادو، وعمل أشجار ظليلة فوقها، وقد تسببت إزالة الغابات وزراعة الأفوكادو التي تستلزم ضعف كمية المياه التي تحتاجها الغابات في تقليل نسبة المياه التي تصل إلى ميتشواكان.

أما عن الحيوانات، فيقول بعض الاختصاصيين إن أوراق شجرة الأفوكادو لها أخطار على بعض أنواع الحيوانات، حيث يمكن أن تكون شديدة الضرر أو حتى قاتلة عندما تستهلك أوراقها، كما أن الثمرة نفسها سامة على الطيور في بعض الحالات.

كان الاعتقاد السائد لدى المكسيكيين عن رؤيتهم للجثث المرمية في الشوارع، هو الصراع بين عصابات المخدرات، لكن هذا الاعتقاد لم يدم طويلاً قبل أن تتحول هذه الصراعات لتصبح بسبب الأفوكادو.

حقيقة فإن بستان الأفوكادو الصغير يدرّ على صاحبه أكثر بكثير مما كان سيحصل عليه من أي محصول آخر، سواء كان قانونياً أو غير قانوني، فرائحة  الأموال التي تدرها هذه الثمرة استقطبت العصابات وتجار المخدرات الذين روّعوا قوات الشرطة وعلقوا جثث ضحاياهم من أعلى الجسور.

لهذا اضطر بعض المزارعين إلى حمل السلاح وإقامة نقاط تفتيش حول مزارع الأفوكادو، حتى يحموا أنفسهم من العصابات ومنظمات تهريب المخدرات التي تلقب بـ «فرسان الهيكل»، الذين اختطفوا المزارعين لابتزاز مالكي المزارع لإعطائهم أرباح الثمرة الذهبية، ويقتلون من يرفض الدفع أو أحد أفراد عائلاتهم، كل ذلك بسبب الأفوكادو!

لتصل نسبة أرباح العصابات في عام 2009 وحدها ما يقارب 150 مليون دولار.

وفي الآونة الأخيرة، تعمل مجموعات الجريمة المنظمة في المكسيك، على سرقة شاحنات تحمل فاكهة الأفوكادو من المزارع إلى الأسواق والمصانع، حيث ذكرت مصادر رسمية أنه يسرق يومياً ما يصل إلى 4 شاحنات محملة بهذه الثمار في ميتشواكان، حيث تشهد هذه الولاية أعمال عنف لا تتوقف.

وأصبحت سرقات الأفوكادو في ولاية ميتشواكان واسعة إلى درجة أن مصانع التغليف وعدت بدفع أجر للمزارعين يقدر بنحو 15 بيزو (78 سنتاً)، تعويضاً عن كل كيلوغرام يُسرق منهم في أثناء النقل.

ومع ازدياد حدة العنف في الولاية، تشكلت مجموعات للدفاع عن النفس وقوات من الشرطة المجتمعية، بينما سعت المجتمعات المحلية في المنطقة إلى الدفاع عن نفسها من الجريمة المنظمة فيها.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى